ثماني صفات للاختبار الجيد

أيمن صالح

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله ومن ولاه، وبعد:

فيُعدّ "الاختبار" وسيلة مهمة وفعّالة في قياس تحصيل الطالب للمهارات والمعارف التي هدف المقرر إلى تحقيقها في مدة الفصل الدراسي.

وقد شاع في سنوات مضت التقليل من أهمية الاختبارات أداةً لقياس التحصيل الأكاديمي. ولكن يبدو أن هذا سيتضاءل، وسيعود "الاختبار" من جديد ليكون الوسيلة الأكثر أهمية ومصداقية في تقويم تحصيل الطالب في قابل الأيام، وذلك بسبب شيوع استعمال الطلاب هذه الأيام أدوات الذكاء الصناعي في إنجاز الأعمال والواجبات في البيئة التي لا تخضع للمراقبة المباشرة كبيئة الاختبار. هذا فضلا عن شيوع لجوء الطلبة، ولاسيما الطلاب ذوي الدخل المرتفع، إلى جهات تقوم بإنجاز الأعمال والواجبات عنهم، وهذه الجهات انتشرت انتشار النار في الهشيم في الفترة الأخيرة بسبب استغلالها وسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية، وحِرَفية كثير من العاملين فيها.

وفيما يأتي – زميلي المعلم – أهم ثماني صفات التي لو راعيتها عند إعداد اختبارك، فسيكون ذا مصداقية عالية في قياس تحصيل الطلبة في المقرر الدراسي، وحينئذ يمكن القول بأنك معلم محترف متقن للصنعة التعليمية التي يُعدّ التقويم الفعّال ركنا أساسا فيها.

1. الاتساق البنائي: ينبغي أن يراعي الاختبار الأهداف والمخرجات التي يتوخاها المقرر. عند إعداد الاختبار ألق نظرة فاحصة على أهداف المقرر ومخرجاته، واسأل نفسك هل من شأن هذا الاختبار قياس تحقق هذه الأهداف والمخرجات، أو بعضها على الأقل إذا كانت المخرجات التي لا يقيسها الاختبار قد قاستها وسائل تقويمية أخرى.

2. التنوع في قياس المهارات والمعارف: من الخطأ أن يقتصر الاختبار على أسئلة تقيس مهارة الحفظ فقط أو تركز عليها، كما هو شائع على نطاق واسع في مجال الدراسات الشرعية، إلا في المقررات التي لا تهدف إلا للحفظ كاختبار حفظ القرآن الكريم مثلا. ينبغي أن يشتمل الامتحان على أسئلة تقيس قدرة الطالب على الفهم، والتحليل، والتعليل، والمقارنة، والتطبيق، والتركيب. وهنا تنبيه مهم، وهو أن أي سؤال في الاختبار يتضمن مهارة عليا مثل: "قارن" أو "طبق" أو "علل" أو "استنتج" إذا كان قد أجيب عنه بعينه في مادة المقرر المدروس فهو حينئذ يقيس الحفظ خاصّة، ولا يقيس ما هو الظاهر من صيغته. لا يقيس مثل هذه الأسئلة مهارات عقلية أخرى غير الحفظ إلا إذا كان السؤال يمثل تجربة جديدة للطالب لم تمر به في أثناء دراسة المقرر.

3. التنوع في شكل الأسئلة: يُفضّل ألا تكون كل أسئلة الامتحان على نمط واحد من حيث الصياغة وطريقة الجواب، فلا تكون كلها من نوع الأسئلة الموضوعية ذات الاختيار من متعدد مثلا أو الإجابات القصيرة المحددة مثل املأ الفراغ، ولا كذلك أن تكون كلها من نوع الأسئلة المقالية الطويل جوابها كأسئلة الشرح والتحليل والأسئلة مفتوحة الإجابة، فكلما تنوعت أشكال الأسئلة فهذا أولى وادعى إلى قياس مختلف المهارات. وعلى أية حال فهذا الوصف وصف تحسيني، والمختار في المرحلة الجامعية ألا تزيد نسبة الأسئلة الموضوعية (اختيار من متعدد، وصواب وخطأ، واملأ الفراغ) عن 20% من مجموع الدرجة المخصصة للامتحان.

4. الشمول: ينبغي أن تغطي أسئلة المقرر معظم المادة الخاضعة للاختبار. وان تتوزع الأسئلة على المادة باعتدال. فمن الخطأ مثلا أن تُترك بعض وحدات المقرر من دون أي سؤال يغطيها، أو أن تتركز الأسئلة على وحدة معينة، ويكون حظ الوحدات الأخرى من الأسئلة قليلا أو معدوما. 

5. الوضوح: ينبغي أن تصاغ أسئلة الاختبار بطريقة تمنع من ارتباك الطالب في تفسيرها. من الخطأ أن يصوغ الأستاذ السؤال بطريقة ملبسة تجعل المتعلم يحتار في فهم السؤال والمطلوب منه. ومن الوضوح أيضا:
  1. ألا يكون السؤال مركبا من عدة أسئلة في سياق واحد. مثل: "اذكر شروط عقد البيع مع التمثيل والمقارنة بشروط عقد الإجارة". وفي مثل هذه الحالات ينبغي أن يفقّر السؤال ويُقسّم إلى عدة فروع، فيُصاغ بالطريقة: أ. اذكر شروط البيع. ب. اذكر مثالا للبيع مخالفا لكل شرط. ج. قارن شروط البيع بشروط الإجارة. على أن يوضع كل فرع في سطر مستقل حتى لا يغيب عن نطر المتعلم فيغفل عن الإجابة عليه.
  2. أن توضع الدرجة المخصصة لكل سؤال ولكل فرع منه بإزائه.
6. مراعاة الفروق الفردية: ينبغي أن تتنوع الأسئلة في سهولة الإجابة عليها وصعوبتها، بحيث يظهر تفاوت واضح في درجات الطلبة بعد تصحيح إجاباتهم. ومن الجيد اعتماد التوزيع الآتي في تدرج صعوبة الامتحان: 30-40% للأسئلة السهلة، و50 -60% للأسئلة الوسط، و10-20% للأسئلة الصعبة. وينبغي الانتباه إلى أن صعوبة السؤال لا تعني عدم وضوحه، بل قياسه لمهارات عقلية عالية كالنقد، أو التحليل، أو التركيب، أو الحفظ الدقيق.

7. مراعاة الزمن المخصص للاختبار: بحيث يكون وقت الامتحان كافيا لإجابة الطالب، بالقياس إلى الطالب الوسط، لا الطالب السريع، ولا الطالب البطيء.

8. موضوعية التصحيح: أي أن تكون الأسئلة ذات جواب محدد قابل للقياس وتقدير درجة واحدة أو متقاربة، على فرْض اختلاف المصححين. هذا النوع من الاختبارات يسهل تحقيقه في الأسئلة الموضوعية، لكن قد يواجه الأستاذ صعوبة في تحقيقه في الأسئلة المقالية ولا سيما ما كان منها مفتوح الإجابة. كأسئلة: ما رأيك، وما موقفك، ونحو ذلك. ولذلك يحسن بالأستاذ عند وضع السؤال المقالي أن يسأل نفسه عن الجواب النموذجي للسؤال، ويضع سلَّما موحدا (Rubric) لتصحيحه لتحقيق العدالة في التصحيح بين الطلاب. من شأن الأسئلة الواضحة والمنضبطة بسلم تقويم محدد سلفا أن تُقلل من مراجعات الطلاب بعد تصحيح الامتحان.

وأخيرا هل ترى أن هناك صفة مهمة أغفلها المقال؟ اذكرها في التعليق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليلك السريع للتعامل مع موقع تقييم الأداء السنوي في جامعة قطر

أهم التعديلات على لائحة الترقيات الجديدة في جامعة قطر